تغير المناخ: مخاطر تواجه العالم

أ.د. أحمد يوسف الزعبي
 
مستشار معماري وخبير في التصميم والتخطيط الحضري
إنتهت مؤخراً أعمال مؤتمر الأمم المتحدة حول المناخ في بولندا، المعروف بمؤتمر الأطراف أو (CP24)، وسط تحذيرات باستمرار ارتفاع حرارة الأرض، وقد سعى ممثلو حوالي 200 دولة، بعد اجتماعات استمرت أسبوعين، إلى بلورة قواعد تمويل وتنفيذ اتفاقية باريس للمناخ الموقعة عام 2015، وكانت قمة باريس قد قررت تخفيض درجة حرارة الأرض بمقدار درجتين أو درجة ونصف على الأقل مقارنة بمستويات حرارة الأرض قبل الثورة الصناعية.
وقالت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) في تقريرها الذي صدر في تشرين الأول / أكتوبر 2018، وتمت مناقشته في المؤتمر، أنه من أجل تحقيق هدف درجة ونصف، فإن على الدول خفض انبعاثات الغازات الدفيئة بنحو 45% بحلول عام 2030، إلا أن التدابير الواعدة حتى الآن، في جميع أنحاء العالم للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة الضارة، ليست كافية لتحقيق هذا الهدف.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة في كلمته من أن العالم سيواجه تغيراً مناخياً خارجاً عن السيطرة إذا لم يتحرك لتغيير المسار الحالي في مواجهته بحلول عام 2020، ورسم الأمين العام صورة قاتمة للأثار الناجمة عن التغير المناخي التي قال إن العالم أجمع لمسها هذا العام، معدداً بعض النتائج السلبية لهذه الظاهرة التي عانت منها مناطق عدة من العالم مثل، موجات الحرارة العالية، وحرائق الغابات، والعواصف والفيضانات التي خلفت قدراً كبيراً من الدمار، كما وصل مستوى ثاني أكسيد الكربون في الفضاء الجوي إلى أعلى مستوى خلال ثلاثة ملايين سنة، بالإضافة إلى تصاعد الصراعات على الموارد الطبيعية المتناقصة.
وقد توصلت الوفود المشاركة إلى توافق حول كيفية تنفيذ اتفاق باريس؛ والذي سيدخل حيز التنفيذ عام 2020، وكانت أهم النقاط التي أبرزها المؤتمر هي: (1) القواعد هي مفتاح اللعبة: أكدت الدول أن القواعد التنفيذية لاتفاق باريس ستحدد الطريقة التي سيكافح بها العالم التغير المناخي خلال العقود القادمة. (2) العلم يستحق النضال من أجله: نجحت جهود الغالبية العظمى من الدول بضمان الاعتراف باللجنة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ ونتائج عملها والعمل على تنفيذ توصياتها. (3) الروح الدولية لا تزال حية: أظهرت غالبية الدول الروح الدولية لمواجهة التحديات بروح جماعية. (4) مكسب للقواعد التنظيمية وليس لكوكب الأرض: استطاعت غالبية الوفود إصدار القواعد التنظيمية إلا أن بعض الوفود أشارت إلى أن الاتفاق لم يذهب إلى الحد المطلوب. (5) ظهور أصوات جديدة: مشاركة الشباب بأعداد كبيرة جداً في المؤتمر مقارنة بالمؤتمرات السابقة.
ويبقى القول بأن العالم لا يزال قادراً على مواجهة هذه الظاهرة؛ على الرغم من الوضع المتدهور، من خلال بذل المزيد من الجهود التي من شأنها تغيير المشهد السياسي الحالي، حتى يتمكن العالم من مواجهة التغير المناخي.
وربما يكون من أبرز الصور، التي لا تنسى في هذا المؤتمر، صورة طالبة سويدية تبلغ من العمر 15 عاماً، وتدعى (غريتا ثونبرغ)، والتي نظمت إضرابات مدرسية في السويد، وعقدت مؤتمراً صحفياً في المؤتمر، لكي توصل رسالتها بأن الكلمات الرصينة والدافئة لم تعد كافية، لقد كانت رسالتها قاطعة وموجزة: "لا يمكننا أن نحل أزمة، ما لم نتعامل معها باعتبارها أزمة".
 

10-كانون الثاني-2019 12:51 م

نبذة عن الكاتب